احمد كامل
بي بي سي - دمشق
التقى في العاصمة السورية دمشق، على مدار يومين، ثمانون مثقفاً من أوربا والولايات المتحدة والعالم العربي في مؤتمر لبحث التحديات الاساسية التي تواجه الثقافة العربية، وتحديداً إدارة العمل الثقافي.
وتضمن المؤتمر، الذي نظمه المجلس الثقافي البريطاني، أربع ندوات عالجت اربع محاور للتعامل مع الثقافة العربية.
في اليوم الأول تم بحث تاثير الثقافة على المجتمع العربي ومدى تأثرها به، وتعقيدات العلاقة بين المشتغلين بالثقافة والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المهيمنة على المجتمع.
اتهم الكاتب أمين الزاوي من الجزائر السلطات السياسية في العالم العربي بعدم الرغبة في دعم الثقافة الحقيقية، وتفضيل تبني ما أسماه "الثقافة الفلكلورية".
وأضاف الزاوي "لا تحتل الثقافة إلا مكانة تزيينية في مشاريع التنمية الشاملة، والعمل الثقافي ترقيعي ومناسباتي ولم يصبح بعد جزءاً من الحياة اليومية".
وسائل خلاقة
وقال الزاوي إن تجارب دعم وتبني الثقافة من قبل الدول والقطاع الخاص لا يمكن تكرارها في العالم العربي "حيث تأخذ السلطة مكان الدولة، ويحتل القطاع العام النظام المسيطر، أما القطاع الخاص فيدار بطريقة رعوية أدخلت الفساد إلى الثقافة وتحول دون شيوع الانفتاح والحرية في العالم العربي "
وتحدثت المصرية بسمة الحسيني، مديرة منظمة المورد الثقافي التي تهدف إلى دعم الابداع الثقافي في الشرق الاوسط، عن ضغط آخر تتعرض له الثقافة العربية يتثمل حسب تعبيرها " بنمو التيار المعادي للثقافة والابداع في العالم العربي"، في إشارة إلى نمو التيارات الدينية.
ومع ذلك، ترى بسمة أن هناك فرصة حالياً لدفع الثقافة العربية تتمثل "في تراكم مبادرات مثقفين وفنانين شباب يحملون أفكاراً وأطروحات جديدة، ويبتكرون وسائل خلاقة للتعبير عن أنفسهم وللوصول إلى الجمهور وللبقاء.
ورغم أن هذه المبادرات لم تزل قليلة العدد بحسب بسمة الحسيني، فإن هؤلاء الشباب هم البديل عن " نخب خيبت آمال المجتمع مرة بعد أخرى ، وقيادات ينظر إليها على أنها رمز الفساد".
السورية ديانا جيرودي تحدثت عن " معاناة الثقافة العربية من أزمة حضارية تتمثل بالصراع بين العربية الفصحى واللهجات العامية، صراع يعطل الثقافة العربية".
قدرة الثقافة
ويشير محمد أمين مؤمن مدير أحد أكبر المسارح في المغرب إلى مشكلة التربية "وعدم إيمان المجتمع العربي بقدرة الثقافة والفن على الفعل والانتاج".
وقد حظيت معضلة تمويل العمل الثقافي بجانب كبير من النقاش، حيث يفرض ممول الانتاج الثقافي والفني شروطه واجندته سواء كان دولة وطنية أم مؤسسة أجنبية.
ويرى السينمائي السوري عروة نيربية أن "تنوع أجندات التمويل الأجنبي يسمح للمثقف المحلي بالاختيار بينها".
أما ندوات اليوم الثاني فقد خصصت لعلاقة الثقافة العربية بالعالم، ومدى قدرتها على الحفاظ على خصوصيتها .
من جانبها أشارت راسيل ويليس تيلور رئيسة إدارة استراتجيات الفنون الوطنية الامريكية إلى أن " الثقافة والفنون ليست في أزمة، ولا يمكن تصور فنائها أو ذوبانها وهي تتعرض لقيود، لكن آفاقاً جديدة واسعة تفتح أمام إنتاجها والوصول إليها، من اهمها إمكانات نشر المعلومات والافكار والفنون عبر شبكة الانترنت".
وقدمت في ختام المؤتمر نماذج ثقافية رائدة لتجارب قام بها مثقفون شباب ومؤسسات ثقافية من شتى الدول العربية، مع تسليط الضوء على مدى قدرة هذه النماذج على الاستمرار.