الجيل الجديد Web 2.0
نظراً
لندرة المراجع العربية عن هذا الموضوع ، قررت أن أكتب هذه المقالة التي
سأحاول من خلالها بإذن الله إلقاء الضوء بشكل شامل و مبسط على ما بات يعرف
بالويب 2,0 ، أو الشبكة العنكبوتية في إصدارتها الثانية. هناك عدة محاور
يمكن أن نتناول فيها هذا الموضوع ، منها الجانب التقني و الجانب النظري و
الأمثلة المتعددة ، و لرغبتي في أن تكون هذه المقالة عامة و في متناول
الجميع فسيكون الحديث عام يتناول جميع هذه المحاور دون الإغراق في
التفاصيل التقنية الدقيقة .
ما هي الويب 2.0 ؟ الويب
2,0 هو مصطلح يطلق على المواقع ، الخدمات ، و التطبيقات التي تتوفر بها
مجموعة من الخصائص تؤهلها لأن يطلق عليها هذا اللقب . هذا المصطلح كان
نتيجة عاصفة ذهنية في إجتماع إقيم بين O'Reilly و MediaLive International ،
من خلال هذا الإجتماع حاول الخبراء في الطرفين الوصول الى معايير محدده
يمكن من خلالها تقسيم المواقع إلى مواقع الويب 1.0 التقليدية و مواقع
الويب 2.0 الجيل الجديد من المواقع . و في بداية هذا الإجتماع قاموا بضرب
أمثلة على مواقع من الويب 1.0 و ما يقابلها بالفكرة من المواقع التي
يصنفونها ( لا إراديا إن صح التعبير ) كمواقع من الويب 2.0 . كمرحلة أولى
خرج المتحاورون بقائمة من الأمثلة هذا جزء منها :
من
خلال هذه القائمة من المواقع و المفاهيم ، حاول الخبراء في هذا الإجتماع
الخروج بمفاهيم محددة يمكن من خلالها وضع قواعد للحكم مباشرة بأن هذا
الموقع أو هذه الخدمة هي ويب 2.0 أم ويب 1.0 ، و بشكل عام فإن القواعد
الأساسية التي إتفق عليها في ذلك الإجتماع و أصبحت فيما بعد عرفا لتصنيف
خدمات الويب 2.0 و سأقوم من خلال مجموعة نقاط بتلخيص و إعادة تحوير هذه
المفاهيم ليس من خلال ما نتج عنه هذا الإجتماع فقط، ولكن من خلال المفاهيم
الحالية المتعارف عليها :
1- الويب هي منصة تطوير متكاملة
: يفترض في جيل الويب 2.0 أن يتعامل مع الويب كمنصة تطوير بمعزل عن أي
عوامل تقنية أخرى ، الموقع يستفيد من موارد و خصائص الشبكة تماما كما
يستفيد مطور التطبيقات من أوامر النظام الذي يبرمج برنامجه عليه
2- الذكاء و الحس الإبداعي :
هناك بعض الخدمات في الأمثلة السابقة تكاد تكون متطابقة ، و لكن ما يجعل
تصنيف أحدها من ويب 2.0 و الأخرى من ويب 1.0 هو ذلك الحس الإبداعي و حزمة
الخصائص الذكية في نفس الفكرة ، على سبيل المثال ، قووقل كمحرك بحث يعتبر
من الويب 2.0 ، في الحقيقة قووقل محرك بجث ذكي جدا ، و هذا فقط ما يميزه
عن بقية المحركات ، ذكاء المحرك و الحس الإبداعي الواضح في منتجات موقع
قووقل جعلته يصنف هذا التصنيف !
3- البيانات هي الأهم
: العصب الرئيسي لمواقع الويب 2.0 هو التركيز على المحتوى و البيانات ،
طريقة عرض المحتوى ، نوعية المحتوى ، توفر المحتوى للجميع ، الخدمات
الخاصة للإستفادة التامة من هذه البيانات . بشكل أكثر بساطة يمكن أن نقول
أن نوعية البيانات المعروضة و طرق الإستفادة من هذه البيانات هي التي
تجعلنا نطلق على بعض المواقع بمواقع الويب 2.0 .
4- نهاية دورة إنتاج البرمجيات !
: الفكرة في الويب 2.0 هو أن يقدم تطبيق الموقع كخدمة متاحة للجميع تستخدم
بشكل يومي ، مما يجعل من الضرورة صيانة و متابعة التطبيق بشكل يومي أيضا ،
عمليات التطوير ، التحديث ، المتابعة الفنية و الإدارية يجب أن تتم بشكل
يومي ، لذا فإن التطبيقات التي تعمل عليها مواقع الويب 2.0 هي تطبيقات لا
تخضع لدورة حياة البرمجيات ، بمعنى أن عملية التطوير مستمرة ، عملية
الصيانة مستمرة ، عملية التحليل و التصميم دائما مستمرة طالما أن هذا
الموقع يقدم خدماته ، هذا الأمر يتأتى بجعل المستخدم للموقع هو مطور مساعد
لفريق التطوير في هذا الموقع ، عن طريق معرفة ارائه ، تصرفاته مع النظام ،
طريقة تعاطي المستخدم مع الخصائص التي يقدمها النظام ، لهذا السبب نرى أن
خدمات مثل فليكر و بريد قووقل و خدمة Delicious ظلت لأشهر و لسنوات تحمل شعار Beta .. اي نسخة تجريبية !
5- تقنيات التطوير المساندة :
تتميز مواقع الويب 2.0 بإستقادتها القصوى و المثلى من تقنيات التطوير
المساندة ، تقنيات حديثة و رائعة مثل AJAX و RSS ، تقنيات مشهورة مثل XML
و XSLT ، و محاولة الحفاظ على المعايير القياسية في التصميم من الناحية
الفنية XHTML و CSS أو من الناحية التخطيطية عن طريق تحقيق قابلية الوصول
و قابلية الإستخدام .
6- الثقة بالزوار :
في مواقع الويب 2.0 ، المحتوى يبنيه المستخدم أو يشارك مشاركة فعالة في
بنائه ، لذا فإن أحد أهم المبادئ هنا هو إعطاء الثقة الكاملة للمستخدم
للمساهمة في بناء هذه الخدمة ، خدمات مثل فليكر و ديليشوس و ويكيبيديا تمنح
المستخدم الثقة الكاملة في إستخدام النظام و إدراج أي محتوى يرغب بإدراجه
، و من بعد ذلك يأتي دور مراقبي الموقع أو المحررين لتصفية المحتويات التي
تخالف قوانين الموقع .
7- الخدمات ، و ليس حزم البرمجيات
: من أهم مفاهيم الويب 2.0 هي أنها مجموعة من الخدمات متوفرة في المواقع
أو في التطبيقات و ليست بحد ذاتها حزمة برمجيات تقدم للإستفادة منها ، على
سبيل المثال ، برنامح iTune يعتبر من الويب 2.0 ( على الرغم من انه ليس
تطبيق ويب ) ولكنه يقدم بحد ذاته خدمة مرتبطة بشبكة الويب إرتباط وثيق ،
لذا فالفكرة في هذا البرنامج هو تنظيم الملفات الصوتية و مشاركتها أو
نشرها على شبكة الويب ، لذا فبرنامج iTune هو خدمة وليس حزمة برمجيات !
8- المشاركة :
المستخدمين هم من يبنون خدمات الويب 2.0 و ليس صاحب الموقع ، صاحب الموقع
يقدم النظام كخدمة أو كفكرة قائمة أساساً على تفاعل المستخدمين بالمشاركة
في هذه الخدمة ، موقع فليكر مبني على الصور الشخصية للمستخدمين ، موسوعة
ويكيبيديا مبنية على جهود مئات الآلاف إن لم نقل ملايين البشر الذين
يكتبون يوميا معلومة جديد تفيد البشرية .
9- أنظمة تتطور إذا كثر إستخدامها :
تلك هي أنظمة الويب 2.0 ، إستخدامك لموقع فليكر بكثافة على سبيل المثال ،
يعني أنك تطور خدمة فليكر للأفضل ، مشاركاتك في خدمة ويكيبيديا يعني أنك
تجعل موسوعة ويكيبيديا مصدراً مهماً للمعلومات ، نشرك للروابط المفضلة
لديك في موقع Delecious يعني أنك تطور هذا الموقع ليكون مرجعا مهما
للروابط !
10 - الخدمة الذاتية للوصول إلى كل مكان
: أحد خصائص مواقع الويب 2.0 هو إمكانية نشر الخدمة خارج نطاق الموقع ،
تقنيات مثل RSS ، ATOM و غيرها من التقنيات يمكن من خلالها إيصال محتوى
الخدمة خارج نطاق الموقع ، قابلية توصيل الخدمة Service Hackability هو
مصطلح يطلق على هذه الفكرة ، على سبيل المثال خدمة Google Adsense تتيح
لإعلانك الوصول إلى أي مكان ، خارج نطاق موقع قووقل ، و في أماكن لا تعلم
أن إعلانك يظهر بها ، قابلية وصول الى الخدمة إلى اي مكان أحد أهم خصائص
خدمات الويب 2.0 . هذه العشرة نقاط هي بعض و ليس كل
المعايير التي يمكن أن يطلق من خلالها على أي موقع أو خدمة أنه يقع تحت
تصنيف ويب 2.0 ، المشكلة تكمن في أن مصطلح ويب 2.0 مصطلح فضفاض يصعب جداً
تأطيره ، و أعتقد أن إجتماع O'Reilly و Media Live كان محاولة رائعة
لتأطير هذا المصطلح ، و لكن يرى الكثير من الخبراء أن الفكرة ما زالت في
بدايتها بشكل يصعب جدا تأطيرها و وضع حدود و قواعد لإستخدامها . جدير
بالذكر هنا أن هذه النقاط أو غيرها لا يشترط توافرها جميعها في الموقع أو
الخدمة لكي تصنف تحت تصنيف ويب 2.0 ، المسألة قياسية ، ولكن كل ما وجدت
خصائص أكثر في الموقع كل ما كان الموقع يميل بشكل أكبر لأن يصنف تحت تصنيف
الويب 2.0 !
الويب 2.0 ليست إنترنت 2.0 ؟ يخلط
العديد من مستخدمي الشبكة بين مصطلح الويب Web و مصطلح الإنترنت Internet
، هذا الخلط تزايد مع ظهور مصطلحي إنترنت 2.0 و ويب 2.0 ليعمق من قناعة
البعض بأن المصطلحين يدلان على نفس الشي ! الحقيقة الفرق كبير ، الإنترنت
هي الشبكة المعلوماتية الضخمة ، و التي تضم من ضمن خدماتها الشبكة
العنكبوتية الويب ، فالإنترنت كمصطلح يطلق على الشبكة بكامل خدماتها ، من
خدمات المحادثة ، البريد الإلكتروني ، المجموعات الإخبارية ، بروتوكول نقل
الملفات FTP ، و أيضاً الشبكة العنكبوتية الويب ، أو ما يطلق عليها World
Wide Web ، و التي تختصر بـ WWW ، مشروع الإنترنت 2.0 هو مشروع تعمل عليه
الأن كبرى الجامعات و المعاهد الأكاديمية في أمريكا و كندا منذ عدة سنوات،
الهدف منه هو إطلاق شبكة معلوماتية تفوق سرعة نقل المعلومات فيها السرعة
الحالية بعشرات أو مئات المرات ! ، لذلك فإن الإنترنت هو مشروع و ليس مجرد
مصطلح أو تصنيف كما الويب 2.0 ! التصميم و التطوير للويب 2.0 كمصمم
أو مطور مواقع ، ما الذي تعنيه لك الويب 2.0 ؟ ، في الحقيقة هي المفهوم
الجديد لمواقع الويب ، فهل أعددت قدراتك للتكيف مع هذا التغيير ؟ من خلال
السطور القادمة أحاول أن أضعك على أولى خطوات التغيير للتماشي مع هذا
الجيل الجديد من مواقع الويب و بشكل مختصر.
أولاً : التحول إلى XML و تقنياتها رغم
ظهور هذه التقنية من فترة طويلة الا أن معظم التطبيقات خلال السنوات
الماضية كانت تستفيد منها الإستفادة المثلى، البعض يستخدمها لتخزين
إعدادات برنامج ، الأخر يستخدمها كبديل بسيط لقواعد البيانات للتطبيقات
الصغيرة الحجم ، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر و تستخدم تقنيات مستقلة
بالإعتماد على لغة XML الوصفية ، تقنيات مثل AJAX و RSS و Atom و XPath هي
من المسات الرئيسية و المعالم المميزة لصفحات مواقع الويب 2.0
ثانياً : خدمات الويب Web Services عودة
إلى XML و تقنياتها ، خدمات الويب Web Services هي أحد السمات الهامة في
مواقع الويب 2.0 ، يجب أن يسمح تطبيق موقعك للمطورين بإنشاء برامج تقرأ و
تتعامل مع بيانات التطبيق الخاص بموقعك بكل سهولة ، على سبيل المثال ،
مواقع مثل أمازون و eBay و Google تسمح لأي مبرمج من خلال واجهة
التتطبيقات API بأن ينشأ تطبيق خاص به يعتمد على تطبيقات هذه المواقع ،
على سبيل المثال Google يسمح لي بأن أبرمج تطبيق يبحث في قواعد بياناته و
يجلب لي النتائج لكي أعرضها كما لو أني أنا من يقدم الخدمة وليس قووقل !!
أمازون يسمح لي أن أعرض البضائع كما لو أنها بضائعي و ليست بضائع أمازون ،
خدمات الويب علم قائم بحد ذاته ، و لكن إقرأ أكثر عن تقنيات مثل SOAP و
XML/RPC و WSDL ... ستجد ضالتك في هذه التقنيات .
ثالثاً : إسمح بمزج المحتويات المحتويات
هي أساس مواقع الويب 2.0 ، إجعل محتويات موقعك قابلة للإستيراد بشتى الطرق
، و قابلة للتخصيص بأي وسيلة ، على سبيل المثال ، في موقع Delecious
أستطيع أن أختار عرض الروابط المفضلة لمشترك معين ، أو تلك الروابط التي
تتحدث عن الـ HTML فقط ، أستطيع أن أستعرض تلك الروابط في جهازي ، في
هاتفي النقال ، في موقعي الشخصي ... هذا يتم عن طريق تقنية RSS و مع
تقنيات الوسوم Tags لتمييز المحتويات .
رابعاً : إقرأ تصرفات زوار موقعك تطبيقات
الويب 2.0 كما أسلفنا ذكراً هي تطبيقات ذكية بفكرتها و بطريقة عملها ،
عليك من خلال التطبيق الذي تقوم ببنائه أن تقرأ تصرفات مستخدمي موقعك ،
عليك أن تستغل هذه التصرفات و المعطيات لتحسين الموقع بشكل أوتوماتيكي
فوري و على المدى الطويل ، على سبيل المثال ، اذا اشتريت كتاب يتحدث عن
علم الفيزياء من موقع أمازون هذا اليوم ، فإن موقع أمازون سيعرض علي غدا
عند زيارتي له و بالصفحة الرئيسية كتب عن الفيزياء ، هل غير موقع أمازون
صفحته الرئيسية من أجلي ؟؟ بالطبع لا ، و لكنه عرفني عند زيارتي له و تذكر
( عن طريق الكوكيز ) بأني أشتريت أمس كتاب عن الفيزياء ، فبادر فورا بصنع
صفحة رئيسية مخصصة لي تحتوي على الكتب التي تقع ضمن نطاق علم الفيزياء !
الخلاصة : إستغل التقنية لتجعل موقعك ذكيا و قابلا للتخصيص الفوري قدر
المستطاع !
خامساً : الوسوم الوصفيه لبناء شبكة إجتماعية
المشاركة
خاصية مهمة من خصائص مواقع الويب 2.0 ، عملية النشر التقليدية لا تقع ضمن
نطاق مواقع الويب 2.0 ، الكل يشارك ، الكل يكتب ، الكل يضع ما لديه ، لذا
كان من الضروري تقسيم هذا الكم الهائل من المشاركات ضمن وسوم مميزة يسهل
من خلالها البحث و الوصول للمعلومة ، تطبيقك يجب أن يراعي ذلك ، الوسوم أو
ما يعرف بـ Tags هي أسهل طريقة لذلك ، على سبيل المثال موقع Delecious
يسمح للمستخدمين بتقسيم الروابط الخاصة بهم ضمن وسوم ( كلمات رمزية ) تدل
على الرابط ، مثلاً ، ستجد كل الروابط الذي شارك بها العالم أجمع عن الويب
2.0 على هذا الرابط : http://del.icio.us/tag/Web2.0 الخلاصة
: إسمح لزوارك بتقسيم محتوياتهم إلى مجموعة من الوسوم (الكلمات الرمزية )
المعرفة مسبقاً أو التي يقومون هم بكتابتها ، هذا سيسهل على جميع
المتصفحين الوصول للمعلومة بأسرع وقت .
سادساً : التحول إلى البرمجة .. يجب أن تكون مبرمج إذا
كنت مصمم فقط ، عليك التفكير ملياً بهذا الأمر .. للتحول إلى ويب 2.0 يجب
أن تكون لك خلفية جيدة في عالم البرمجة ، على الرغم من الفصل التام الذي
تحافظ عليه الويب 2.0 بين الشكل العام و بين المنطق البرمجي ، الا ان
الخصائص التي تتميز بها مواقع الويب 2.0 قد أوجدت حلقة كبيرة من التداخل
بين التصميم و البرمجة ، تقنيات مثل CSS و RSS و XML و API ستجبرك كمصمم
على معرفة طريقة عملها لكي تقوم بإنشاء الإطار العام لعرض هذه المحتويات ،
المحتوى هو عصب مواقع الويب 2.0 ، و عرض هذا المحتوى هو عملية متداخلة بين
البرمجة و التصميم .
كلمة أخيرة على
الرغم من أن مصطلح الويب 2.0 ما زال في بداياته كمفهوم عالمي ، و ما زال
غير ظاهر حتى الأن في المواقع العربية، الا انني حاولت من خلال هذه
المقالة القاء نظرة تعريفية شاملة على هذا المفهوم المهم ، قد أصنف هذه
المقالة كمقالة تعريفية أكثر من كونها مقالة تقنية ، تناولت جوانب النشأة
، التطور ، بعض الأمثلة ، و ما يهم المصمم و المطور من هذا المفهوم الجديد
، أتمنى أن أكون قد ذكرت ما هو مفيد دون الدخول بالتفاصيل التقنية المعقدة
، الا في بعض الحالات التي اقتضت ذلك . أتمنى أن أسمع أرائكم و تعليقاتكم .
نظراً
لندرة المراجع العربية عن هذا الموضوع ، قررت أن أكتب هذه المقالة التي
سأحاول من خلالها بإذن الله إلقاء الضوء بشكل شامل و مبسط على ما بات يعرف
بالويب 2,0 ، أو الشبكة العنكبوتية في إصدارتها الثانية. هناك عدة محاور
يمكن أن نتناول فيها هذا الموضوع ، منها الجانب التقني و الجانب النظري و
الأمثلة المتعددة ، و لرغبتي في أن تكون هذه المقالة عامة و في متناول
الجميع فسيكون الحديث عام يتناول جميع هذه المحاور دون الإغراق في
التفاصيل التقنية الدقيقة .
ما هي الويب 2.0 ؟ الويب
2,0 هو مصطلح يطلق على المواقع ، الخدمات ، و التطبيقات التي تتوفر بها
مجموعة من الخصائص تؤهلها لأن يطلق عليها هذا اللقب . هذا المصطلح كان
نتيجة عاصفة ذهنية في إجتماع إقيم بين O'Reilly و MediaLive International ،
من خلال هذا الإجتماع حاول الخبراء في الطرفين الوصول الى معايير محدده
يمكن من خلالها تقسيم المواقع إلى مواقع الويب 1.0 التقليدية و مواقع
الويب 2.0 الجيل الجديد من المواقع . و في بداية هذا الإجتماع قاموا بضرب
أمثلة على مواقع من الويب 1.0 و ما يقابلها بالفكرة من المواقع التي
يصنفونها ( لا إراديا إن صح التعبير ) كمواقع من الويب 2.0 . كمرحلة أولى
خرج المتحاورون بقائمة من الأمثلة هذا جزء منها :
من
خلال هذه القائمة من المواقع و المفاهيم ، حاول الخبراء في هذا الإجتماع
الخروج بمفاهيم محددة يمكن من خلالها وضع قواعد للحكم مباشرة بأن هذا
الموقع أو هذه الخدمة هي ويب 2.0 أم ويب 1.0 ، و بشكل عام فإن القواعد
الأساسية التي إتفق عليها في ذلك الإجتماع و أصبحت فيما بعد عرفا لتصنيف
خدمات الويب 2.0 و سأقوم من خلال مجموعة نقاط بتلخيص و إعادة تحوير هذه
المفاهيم ليس من خلال ما نتج عنه هذا الإجتماع فقط، ولكن من خلال المفاهيم
الحالية المتعارف عليها :
1- الويب هي منصة تطوير متكاملة
: يفترض في جيل الويب 2.0 أن يتعامل مع الويب كمنصة تطوير بمعزل عن أي
عوامل تقنية أخرى ، الموقع يستفيد من موارد و خصائص الشبكة تماما كما
يستفيد مطور التطبيقات من أوامر النظام الذي يبرمج برنامجه عليه
2- الذكاء و الحس الإبداعي :
هناك بعض الخدمات في الأمثلة السابقة تكاد تكون متطابقة ، و لكن ما يجعل
تصنيف أحدها من ويب 2.0 و الأخرى من ويب 1.0 هو ذلك الحس الإبداعي و حزمة
الخصائص الذكية في نفس الفكرة ، على سبيل المثال ، قووقل كمحرك بحث يعتبر
من الويب 2.0 ، في الحقيقة قووقل محرك بجث ذكي جدا ، و هذا فقط ما يميزه
عن بقية المحركات ، ذكاء المحرك و الحس الإبداعي الواضح في منتجات موقع
قووقل جعلته يصنف هذا التصنيف !
3- البيانات هي الأهم
: العصب الرئيسي لمواقع الويب 2.0 هو التركيز على المحتوى و البيانات ،
طريقة عرض المحتوى ، نوعية المحتوى ، توفر المحتوى للجميع ، الخدمات
الخاصة للإستفادة التامة من هذه البيانات . بشكل أكثر بساطة يمكن أن نقول
أن نوعية البيانات المعروضة و طرق الإستفادة من هذه البيانات هي التي
تجعلنا نطلق على بعض المواقع بمواقع الويب 2.0 .
4- نهاية دورة إنتاج البرمجيات !
: الفكرة في الويب 2.0 هو أن يقدم تطبيق الموقع كخدمة متاحة للجميع تستخدم
بشكل يومي ، مما يجعل من الضرورة صيانة و متابعة التطبيق بشكل يومي أيضا ،
عمليات التطوير ، التحديث ، المتابعة الفنية و الإدارية يجب أن تتم بشكل
يومي ، لذا فإن التطبيقات التي تعمل عليها مواقع الويب 2.0 هي تطبيقات لا
تخضع لدورة حياة البرمجيات ، بمعنى أن عملية التطوير مستمرة ، عملية
الصيانة مستمرة ، عملية التحليل و التصميم دائما مستمرة طالما أن هذا
الموقع يقدم خدماته ، هذا الأمر يتأتى بجعل المستخدم للموقع هو مطور مساعد
لفريق التطوير في هذا الموقع ، عن طريق معرفة ارائه ، تصرفاته مع النظام ،
طريقة تعاطي المستخدم مع الخصائص التي يقدمها النظام ، لهذا السبب نرى أن
خدمات مثل فليكر و بريد قووقل و خدمة Delicious ظلت لأشهر و لسنوات تحمل شعار Beta .. اي نسخة تجريبية !
5- تقنيات التطوير المساندة :
تتميز مواقع الويب 2.0 بإستقادتها القصوى و المثلى من تقنيات التطوير
المساندة ، تقنيات حديثة و رائعة مثل AJAX و RSS ، تقنيات مشهورة مثل XML
و XSLT ، و محاولة الحفاظ على المعايير القياسية في التصميم من الناحية
الفنية XHTML و CSS أو من الناحية التخطيطية عن طريق تحقيق قابلية الوصول
و قابلية الإستخدام .
6- الثقة بالزوار :
في مواقع الويب 2.0 ، المحتوى يبنيه المستخدم أو يشارك مشاركة فعالة في
بنائه ، لذا فإن أحد أهم المبادئ هنا هو إعطاء الثقة الكاملة للمستخدم
للمساهمة في بناء هذه الخدمة ، خدمات مثل فليكر و ديليشوس و ويكيبيديا تمنح
المستخدم الثقة الكاملة في إستخدام النظام و إدراج أي محتوى يرغب بإدراجه
، و من بعد ذلك يأتي دور مراقبي الموقع أو المحررين لتصفية المحتويات التي
تخالف قوانين الموقع .
7- الخدمات ، و ليس حزم البرمجيات
: من أهم مفاهيم الويب 2.0 هي أنها مجموعة من الخدمات متوفرة في المواقع
أو في التطبيقات و ليست بحد ذاتها حزمة برمجيات تقدم للإستفادة منها ، على
سبيل المثال ، برنامح iTune يعتبر من الويب 2.0 ( على الرغم من انه ليس
تطبيق ويب ) ولكنه يقدم بحد ذاته خدمة مرتبطة بشبكة الويب إرتباط وثيق ،
لذا فالفكرة في هذا البرنامج هو تنظيم الملفات الصوتية و مشاركتها أو
نشرها على شبكة الويب ، لذا فبرنامج iTune هو خدمة وليس حزمة برمجيات !
8- المشاركة :
المستخدمين هم من يبنون خدمات الويب 2.0 و ليس صاحب الموقع ، صاحب الموقع
يقدم النظام كخدمة أو كفكرة قائمة أساساً على تفاعل المستخدمين بالمشاركة
في هذه الخدمة ، موقع فليكر مبني على الصور الشخصية للمستخدمين ، موسوعة
ويكيبيديا مبنية على جهود مئات الآلاف إن لم نقل ملايين البشر الذين
يكتبون يوميا معلومة جديد تفيد البشرية .
9- أنظمة تتطور إذا كثر إستخدامها :
تلك هي أنظمة الويب 2.0 ، إستخدامك لموقع فليكر بكثافة على سبيل المثال ،
يعني أنك تطور خدمة فليكر للأفضل ، مشاركاتك في خدمة ويكيبيديا يعني أنك
تجعل موسوعة ويكيبيديا مصدراً مهماً للمعلومات ، نشرك للروابط المفضلة
لديك في موقع Delecious يعني أنك تطور هذا الموقع ليكون مرجعا مهما
للروابط !
10 - الخدمة الذاتية للوصول إلى كل مكان
: أحد خصائص مواقع الويب 2.0 هو إمكانية نشر الخدمة خارج نطاق الموقع ،
تقنيات مثل RSS ، ATOM و غيرها من التقنيات يمكن من خلالها إيصال محتوى
الخدمة خارج نطاق الموقع ، قابلية توصيل الخدمة Service Hackability هو
مصطلح يطلق على هذه الفكرة ، على سبيل المثال خدمة Google Adsense تتيح
لإعلانك الوصول إلى أي مكان ، خارج نطاق موقع قووقل ، و في أماكن لا تعلم
أن إعلانك يظهر بها ، قابلية وصول الى الخدمة إلى اي مكان أحد أهم خصائص
خدمات الويب 2.0 . هذه العشرة نقاط هي بعض و ليس كل
المعايير التي يمكن أن يطلق من خلالها على أي موقع أو خدمة أنه يقع تحت
تصنيف ويب 2.0 ، المشكلة تكمن في أن مصطلح ويب 2.0 مصطلح فضفاض يصعب جداً
تأطيره ، و أعتقد أن إجتماع O'Reilly و Media Live كان محاولة رائعة
لتأطير هذا المصطلح ، و لكن يرى الكثير من الخبراء أن الفكرة ما زالت في
بدايتها بشكل يصعب جدا تأطيرها و وضع حدود و قواعد لإستخدامها . جدير
بالذكر هنا أن هذه النقاط أو غيرها لا يشترط توافرها جميعها في الموقع أو
الخدمة لكي تصنف تحت تصنيف ويب 2.0 ، المسألة قياسية ، ولكن كل ما وجدت
خصائص أكثر في الموقع كل ما كان الموقع يميل بشكل أكبر لأن يصنف تحت تصنيف
الويب 2.0 !
الويب 2.0 ليست إنترنت 2.0 ؟ يخلط
العديد من مستخدمي الشبكة بين مصطلح الويب Web و مصطلح الإنترنت Internet
، هذا الخلط تزايد مع ظهور مصطلحي إنترنت 2.0 و ويب 2.0 ليعمق من قناعة
البعض بأن المصطلحين يدلان على نفس الشي ! الحقيقة الفرق كبير ، الإنترنت
هي الشبكة المعلوماتية الضخمة ، و التي تضم من ضمن خدماتها الشبكة
العنكبوتية الويب ، فالإنترنت كمصطلح يطلق على الشبكة بكامل خدماتها ، من
خدمات المحادثة ، البريد الإلكتروني ، المجموعات الإخبارية ، بروتوكول نقل
الملفات FTP ، و أيضاً الشبكة العنكبوتية الويب ، أو ما يطلق عليها World
Wide Web ، و التي تختصر بـ WWW ، مشروع الإنترنت 2.0 هو مشروع تعمل عليه
الأن كبرى الجامعات و المعاهد الأكاديمية في أمريكا و كندا منذ عدة سنوات،
الهدف منه هو إطلاق شبكة معلوماتية تفوق سرعة نقل المعلومات فيها السرعة
الحالية بعشرات أو مئات المرات ! ، لذلك فإن الإنترنت هو مشروع و ليس مجرد
مصطلح أو تصنيف كما الويب 2.0 ! التصميم و التطوير للويب 2.0 كمصمم
أو مطور مواقع ، ما الذي تعنيه لك الويب 2.0 ؟ ، في الحقيقة هي المفهوم
الجديد لمواقع الويب ، فهل أعددت قدراتك للتكيف مع هذا التغيير ؟ من خلال
السطور القادمة أحاول أن أضعك على أولى خطوات التغيير للتماشي مع هذا
الجيل الجديد من مواقع الويب و بشكل مختصر.
أولاً : التحول إلى XML و تقنياتها رغم
ظهور هذه التقنية من فترة طويلة الا أن معظم التطبيقات خلال السنوات
الماضية كانت تستفيد منها الإستفادة المثلى، البعض يستخدمها لتخزين
إعدادات برنامج ، الأخر يستخدمها كبديل بسيط لقواعد البيانات للتطبيقات
الصغيرة الحجم ، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت تظهر و تستخدم تقنيات مستقلة
بالإعتماد على لغة XML الوصفية ، تقنيات مثل AJAX و RSS و Atom و XPath هي
من المسات الرئيسية و المعالم المميزة لصفحات مواقع الويب 2.0
ثانياً : خدمات الويب Web Services عودة
إلى XML و تقنياتها ، خدمات الويب Web Services هي أحد السمات الهامة في
مواقع الويب 2.0 ، يجب أن يسمح تطبيق موقعك للمطورين بإنشاء برامج تقرأ و
تتعامل مع بيانات التطبيق الخاص بموقعك بكل سهولة ، على سبيل المثال ،
مواقع مثل أمازون و eBay و Google تسمح لأي مبرمج من خلال واجهة
التتطبيقات API بأن ينشأ تطبيق خاص به يعتمد على تطبيقات هذه المواقع ،
على سبيل المثال Google يسمح لي بأن أبرمج تطبيق يبحث في قواعد بياناته و
يجلب لي النتائج لكي أعرضها كما لو أني أنا من يقدم الخدمة وليس قووقل !!
أمازون يسمح لي أن أعرض البضائع كما لو أنها بضائعي و ليست بضائع أمازون ،
خدمات الويب علم قائم بحد ذاته ، و لكن إقرأ أكثر عن تقنيات مثل SOAP و
XML/RPC و WSDL ... ستجد ضالتك في هذه التقنيات .
ثالثاً : إسمح بمزج المحتويات المحتويات
هي أساس مواقع الويب 2.0 ، إجعل محتويات موقعك قابلة للإستيراد بشتى الطرق
، و قابلة للتخصيص بأي وسيلة ، على سبيل المثال ، في موقع Delecious
أستطيع أن أختار عرض الروابط المفضلة لمشترك معين ، أو تلك الروابط التي
تتحدث عن الـ HTML فقط ، أستطيع أن أستعرض تلك الروابط في جهازي ، في
هاتفي النقال ، في موقعي الشخصي ... هذا يتم عن طريق تقنية RSS و مع
تقنيات الوسوم Tags لتمييز المحتويات .
رابعاً : إقرأ تصرفات زوار موقعك تطبيقات
الويب 2.0 كما أسلفنا ذكراً هي تطبيقات ذكية بفكرتها و بطريقة عملها ،
عليك من خلال التطبيق الذي تقوم ببنائه أن تقرأ تصرفات مستخدمي موقعك ،
عليك أن تستغل هذه التصرفات و المعطيات لتحسين الموقع بشكل أوتوماتيكي
فوري و على المدى الطويل ، على سبيل المثال ، اذا اشتريت كتاب يتحدث عن
علم الفيزياء من موقع أمازون هذا اليوم ، فإن موقع أمازون سيعرض علي غدا
عند زيارتي له و بالصفحة الرئيسية كتب عن الفيزياء ، هل غير موقع أمازون
صفحته الرئيسية من أجلي ؟؟ بالطبع لا ، و لكنه عرفني عند زيارتي له و تذكر
( عن طريق الكوكيز ) بأني أشتريت أمس كتاب عن الفيزياء ، فبادر فورا بصنع
صفحة رئيسية مخصصة لي تحتوي على الكتب التي تقع ضمن نطاق علم الفيزياء !
الخلاصة : إستغل التقنية لتجعل موقعك ذكيا و قابلا للتخصيص الفوري قدر
المستطاع !
خامساً : الوسوم الوصفيه لبناء شبكة إجتماعية
المشاركة
خاصية مهمة من خصائص مواقع الويب 2.0 ، عملية النشر التقليدية لا تقع ضمن
نطاق مواقع الويب 2.0 ، الكل يشارك ، الكل يكتب ، الكل يضع ما لديه ، لذا
كان من الضروري تقسيم هذا الكم الهائل من المشاركات ضمن وسوم مميزة يسهل
من خلالها البحث و الوصول للمعلومة ، تطبيقك يجب أن يراعي ذلك ، الوسوم أو
ما يعرف بـ Tags هي أسهل طريقة لذلك ، على سبيل المثال موقع Delecious
يسمح للمستخدمين بتقسيم الروابط الخاصة بهم ضمن وسوم ( كلمات رمزية ) تدل
على الرابط ، مثلاً ، ستجد كل الروابط الذي شارك بها العالم أجمع عن الويب
2.0 على هذا الرابط : http://del.icio.us/tag/Web2.0 الخلاصة
: إسمح لزوارك بتقسيم محتوياتهم إلى مجموعة من الوسوم (الكلمات الرمزية )
المعرفة مسبقاً أو التي يقومون هم بكتابتها ، هذا سيسهل على جميع
المتصفحين الوصول للمعلومة بأسرع وقت .
سادساً : التحول إلى البرمجة .. يجب أن تكون مبرمج إذا
كنت مصمم فقط ، عليك التفكير ملياً بهذا الأمر .. للتحول إلى ويب 2.0 يجب
أن تكون لك خلفية جيدة في عالم البرمجة ، على الرغم من الفصل التام الذي
تحافظ عليه الويب 2.0 بين الشكل العام و بين المنطق البرمجي ، الا ان
الخصائص التي تتميز بها مواقع الويب 2.0 قد أوجدت حلقة كبيرة من التداخل
بين التصميم و البرمجة ، تقنيات مثل CSS و RSS و XML و API ستجبرك كمصمم
على معرفة طريقة عملها لكي تقوم بإنشاء الإطار العام لعرض هذه المحتويات ،
المحتوى هو عصب مواقع الويب 2.0 ، و عرض هذا المحتوى هو عملية متداخلة بين
البرمجة و التصميم .
كلمة أخيرة على
الرغم من أن مصطلح الويب 2.0 ما زال في بداياته كمفهوم عالمي ، و ما زال
غير ظاهر حتى الأن في المواقع العربية، الا انني حاولت من خلال هذه
المقالة القاء نظرة تعريفية شاملة على هذا المفهوم المهم ، قد أصنف هذه
المقالة كمقالة تعريفية أكثر من كونها مقالة تقنية ، تناولت جوانب النشأة
، التطور ، بعض الأمثلة ، و ما يهم المصمم و المطور من هذا المفهوم الجديد
، أتمنى أن أكون قد ذكرت ما هو مفيد دون الدخول بالتفاصيل التقنية المعقدة
، الا في بعض الحالات التي اقتضت ذلك . أتمنى أن أسمع أرائكم و تعليقاتكم .